بـــِـســم الله الرَحّمَن الرَحِيم
{سَبّحَ لِلّه مَافي السّماوَاتِ وَمَا في اْلأَرْضِ وَهُوَ اْلعَزِيزُ اْلحَكِيم *(1)* يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ *(2)* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَالا تَفْعَلُونَ *(3)* إِنّ اللهَ يُحِبُ الذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّاً كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ *(4)*}
قد تقدم الكلام على قوله تعالى : { سَبّحَ لِلّه مَافي السّماوَاتِ وَمَا في اْلأَرْضِ وَهُوَ اْلعَزِيزُ اْلحَكِيم} غير مرة بما أغنى عن إعادته . وقوله تعالى { يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ} إنكار على من يعد وعداً أو يقول قولا لا يفي به . وثبت في الصحيحين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( آية المنافق ثلاث : إذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب ، وإذا أتمن خان)
ولهذا أكد الله تعالى بقوله جل وعز: { كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَالا تَفْعَلُونَ}
قال ابن العباس : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولن : لوددنا ان الله عز وجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به فأخبر نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره فقال سبحانه :{ يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ}.
وقوله تعالى : { إِنّ اللهَ يُحِبُ الذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّاً كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ} هذا إخبار منه تعالى بمحبة عباده المؤمنين الذين صفوا مواجهين لأعداء الله تعالى في حومة الوغى يقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان . يحب أن يكونوا كالبنيان ملتصق بعضه ببعض . روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاثة يضحك الله إليهم : الرجل يقوم من الليل ، والقوم إذا صفوا للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال )
وقال قتادة : { كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ} ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بيانه ، فكذلك الله عز وجل لا يحب أن يختلف أمره وأن الله صف المؤمنين في قتالهم ، وصفهم في صلاتهم ، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به .
المرجع: مختصر تفسير ابن كثير
**********************************************
*********************************************
يقول الله عز وجل في سورة محمد : (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم -36- إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم-37- هأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني و أنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم-38-)ا
يقول الله تعالى تحقيرا لأمر الدنيا : ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) إلا ما كان منها لله عز وجل ولهذا قال تعالى ( وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم و لا يسألكم أموالكم ) بل هو في غنى عنكم إنما فرض الله عليكم الصدقات من الأموال مواساة لإخوانكم الفقراء ويعود ثوابه إليكم . ثم يقول عز وجل : ( إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ) أي يحرجكم تبخلوا
ويخرج أضغانكم ) صدق الله تعالى فإن إخراج المال إخراج الأضغان لأن المال محبوب لا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه وقوله تعالى ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ) أي يجيب إلى ذلك
ا(ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) أي أضاع على نفسه الأجر وعود الوبال عليه ( والله الغني ) عما سواه وفقير إلى ما عداه ولهذا قال تعالى وأنتم الفقراء ) أي بالذات إليه فوصفه بالغنى ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم لا ينفكون عنه . وقوله تعالى وإن تتولوا ) أي عن طاعته و إتباع شرعه ( يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره
************************************************** **
************************************************** *
قال الله عز وجل في سورة الدخان:{وماخلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لايعلمون (39)إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40) يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42)}ا
يخبر تعالى عن عدله وتنزييهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل كقوله جل وعلا (وماخلقنا السماء والأرض ومابينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) ثم قال تعالى (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) وهو يوم القيامة وقوله عز وجل (ميقاتهم أجمعين ) أي أولهم وآخرهم (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ) أي لا ينفع قريب قريبا . كقولة تعالى (ولايسأل حميما حميما ) أي لا يسأل أخا له عن حاله وهو يراه عيانا
وقوله جل وعلا (ولا هم ينصرون ) لا يتناصرون ولا يأتيهم النصر من خارج . ثم قال جل جلاله ( إلا من رحم الله ) أي لا ينفع يومئذ إلا رحمة الله عز و جل بخلقه ( إنه العزيز الرحيم ) أي هو عزيز وذو رحمة واسعة