أخِي الفاضِلُ أخْتِي الفاضِلَةُ
أخبرنِي لو قِيلَ لكَ اقرَأ و احْفظ آيتيْنِ مِن القرآنِ و سَأعْطيكَ مَبلغاً كبيراً مِنَ المَالِ
فمَاذا كُنتَ فاعلاً ؟
ألا إنَّ تِلاوَتهُ خيرٌ مِن متاعِ الدنيَا
كمَا قالَ رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ و سلمَ :
« أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ ، وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ » . (البخاري)
(والإبِلُ في ذلكَ الزمنِ تُعدُّ ثروَةً)
بلْ إنَّ لِتلاوَتِهِ وتَدَبّرِهِ مِنَ الفضائِلِ مَا يَشعرُ بهَا القارئُ ويَسْتلِذ بنعمَتِهَا
فإنَّ لكَ بكلِّ حرفٍ تقرأهُ مِنَ القرآن ِعَشرَ حَسناتٍ
ثمَّ ألا تريدُ أخي الكريمُ /أختي الكريمَة ُ..
أنْ يذهبَ غمُّكَ ، وينفرجَ هَمُّكَ ، وتنزلَ عليكَ السَّكينة ُ، وتغشاكَ الرحمة ُ، وتحُفكَ المَلائِكة ُ، ويذكرَكَ اللهُ فيمَنْ عِندَهُ؟
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ :
" مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ، وَ يَتدَارَسُونَهُ بَيْنهُمْ ، إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وغشِيَتْهُمُ الرَّحْمَة ُ، وحَفَّتْهُمُ المَلائِكَة ُ، وذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، ومَنْ أبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرعْ بِهِ نَسَبُهُ " . صحيحُ مسلمٍ
وهَلْ تَرغبُ فيمَنْ يشفعُ لكَ يومَ القيامةِ ؟ ألاَ تطمَحُ لأعْلَى دَرجاتِ الجنةِ ؟
فاعْلمْ أنّها جميعاً مِن فضائِل ِالقرآن ِالعظيمِ بلسَمِ القلوبِ وهادِي النفوسِ وشفِيعِهَا بفضْل ِاللهِ
ألا تَتمنَّى أنْ تكونَ حافظاً للقرآن ِالكريمِ .. نعمْ حافظاً للقرآن ِالكريمِ معَ السفرةِ الكرامِ البَررةِ ؟
تَخيَّلْ أنكَ حافظٌ لكتابِ اللهِ، تنصحُ و تدعُو لِدين ِاللهِ بالحُجّةِ القويةِ كلامِ اللهِ ..
وكمْ منْ أُناس ٍسيهتدُونَ بفضْلِ اللهِ علَى يديكَ..
كمْ عمركَ الآنَ؟
عشرةُ أعوامٍ , عشرونَ, ثلاثونَ , أربعونَ , خمسونَ عاماً؟
إنْ لمْ تحفظِ الآنَ، فمتَى ستحفظُ ؟
أمْ قدْ تكونُ ياأخِي وياأختِي فكرتَ ثمَّ استَصعَبتَ المُهمَّة َولمْ تمتلكِ الإرادَةَ والعزيمَة َلنيلِ شرفِ حفظِ القرآن ِالكريمِ وتدبرهِ؟
إنْ كُنتَ ما تزالُ مُتردداً، فحريٌّ أن تَتفكّرَ وتتأمَّلَ مَليّاً فِي قصةِ هذهِ المرأةِ التركيةِ :
تبكِي بحُرقةٍ لأنّهَا لاَ تفهَمُ اللُّغةَ العربيةَ، لغة َالقرآنِ.
أمَّا نحنُ فصَارَ تعَلّمُ اللغاتِ الاجنبيةِ مصدرَ فخْرِنا و اعتِزازنَا
ماعُذرُكَ وقد فُطِرتَ علَى لُغةِ القرآنِ لُغتِكَ الأمّ ياحَفِيدَ/ة الصّحابَةِ !؟ ..
وما قولكَ في سيدةٍ فاضلةٍ ، أميّةُ (أّمّ طهَ) ،تعْملُ خياطةً، في السّبعينَ مِن عُمُرهَا و تريدُ أن تتعلّمَ القِراءَةَ لِتحفظَ كتابَ اللهِ ؟؟
مَاذا !! مُستحيلٌ ؟؟؟
كلاّ ، لا مستحيلَ معَ النيّةِ الصّادقةِ و الإرادَةِ الحازمةِ و التّوكلِ على اللهِ.
هذهِ السيدةُ ، كانتْ أوّلَ كلمةٍ تعلمتْ كتابتهَا هِي لفظُ الجَلالَةِ (اللهُ).
و مِنْ ثَمَّ بدَأتْ بتعلّمِ حُروفِ الهِجاءِ وبعدهَا الْتحَقتْ بمَركزٍ لِتحفيظِ القرآن ِ.
و بِهِمّةٍ عاليةٍ بدأتْ بالحِفظِ مُواجهَة ًكلًّ الصُّعوبَاتِ .فَتكلَّلَ جُهدُهَا بتَحقِيقِ أمنيتِهَا
و هَاهيَ الآنَ منْ حَفَظةِ كتابِ اللهِ. أروعُ أمنيةٍ يُمكنُ أنْ تتحقّقَ لَكَ.
واسْتمِعْ لقصةِ هذِهِ الفتاةِ التِي كانَ حِفظ ُالقرآنِ غايةً صَعبة َالمنالِ لهَا .
لَكنّهَا قرّرَتْ أن تجْعلَهُ واقِعاً بالرّغْمِ مِنْ عدَمِ تشْجيعِ العائلَةِ لَها.
و بَدأتِ المِشوارَ بعْدَ تَعرُّفهَا علَى صَديقاتٍ صالِحاتٍ غرَزْنَ في نَفسِها الإصْرارَ وَ حُبّ المُنافسَةِ .
كانتْ تحفظُ فِي البيتِ مُستغِلّة ًكلَّ وقتِ فراغِ حتّى فِي طريق ِالجَامِعةِ و في فترَةِ الاختبارَاتِ.
و لَكَمْ كانتْ فرْحَتُهَا كبيرةً بعدَ ثَلاثِ سنواتٍ منَ الكدّ حينَ أتَمَّتْ حفظَ آخرِ آيةٍ.
فرْحةُ لا يذوقُ حلاوتَهَا إلّا مَنْ حفظَ كتابَ اللهِ و شعرَ بعِظمِ هذهِ النِّعْمةِ.
وغيْرهَا منَ هذهِ القِصصِ الكثيرُ والكثيرُ مِمّا يبهَجُ لهَا القلبُ شرَفا واعْتِزازاً.
اللهُ أكبرُ ما أرْوعهُمْ !
حَققُوا أعْظمَ الأمَانِي وأصْبحُوا حفظة ًلكتابِ اللهِ يعمَلونَ بمُوجبهِ ويتخلّقونَ بهِ إقتداءً بالحبيبِ المُصطفَى عَليهِ الصلاةُ والسلامُ.
تَقولُ أمُّنا عائشَة ُرَضِيَ اللهُ عنهَا حينَ سُئلتْ عنْ خلقِ النبِيّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلمَ : كانَ خُلقهُ القُرْآنُ.
و كمَا رأيتَ فليستْ قراءةُ القرآنِ أوْ حِفظهُ مُقيّدةً بكونكَ عربيّاً أوْ أعْجَمِيّاً أو بكونكَ أمِّيّاً
أو مُتعلِّماً أو بكونِكَ شيْخاً أو شاباً فتِيّا . بلْ إنَّ سِنّ الطفولَةِ أفضلُ سِنٍّ للحفظِ.
أبعدَ كلَّ هذا نَزهدُ فِي تلاوةِ القرآن ِو حفظه ِ؟؟